قدرة الموظفين الاستيعابية والتحول الرقمي في السياحة المصرية

أولاً: المقدمة

تشهد صناعة السياحة العالمية تحولاً عميقاً، مدفوعاً بالتقدم السريع في التقنيات الرقمية وتطور سلوكيات المستهلكين. أصبحت حتمية تبني مقدمي خدمات السياحة والسفر للتحول الرقمي (DT) واضحة بشكل متزايد، لا سيما في أعقاب الأزمات العالمية مثل جائحة كوفيد-19، التي سلطت الضوء على الحاجة إلى القدرة على التكيف والحلول المبتكرة. لا يتطلب هذا التحول من المنظمات تبني تقنيات جديدة فحسب، بل يتطلب أيضاً تنمية القدرات الداخلية لفهم هذه التقنيات واستيعابها واستخدامها بفعالية لإعادة تشكيل عملياتها وتقديم خدماتها. يكمن جانب حاسم من هذه القدرة التنظيمية في القدرة الاستيعابية للموظفين (ACAP)، والتي تشير إلى قدرة الأفراد داخل المنظمة على إدراك قيمة المعرفة الخارجية الجديدة، واستيعابها، وتطبيقها لخلق قيمة. تركز مراجعة الأدبيات هذه على فحص العلاقة بين القدرة الاستيعابية للموظفين والتحول الرقمي داخل قطاع السياحة المصري، بالاعتماد بشكل أساسي على الرؤى والنتائج المقدمة في المصدر المتاح: "تأثير القدرة الاستيعابية للموظفين على التحول الرقمي لخدمات السياحة والسفر: دليل من وكالات السفر المصرية" بقلم محمود أحمد أبو شوك. الهدف من هذه المراجعة هو تلخيص وتجميع وتقييم البحث الحالي حول هذا الموضوع المحدد كما هو معروض في المصدر، مع تسليط الضوء على الموضوعات الرئيسية ونقاط الاتفاق والخلاف مع الأدبيات الأوسع المذكورة ضمنه، والفجوات البحثية المحددة، والمنهجيات المستخدمة، والرؤى النقدية حول توافق وتباين هذا الكم من العمل.

ثانياً: الموضوعات الرئيسية عبر المصدر

يؤكد البحث المقدم في المصدر على عدة موضوعات رئيسية تتعلق بالتفاعل بين القدرة الاستيعابية للموظفين والتحول الرقمي في سياق السياحة المصرية:

  • حتمية التحول الرقمي في السياحة: تقر الدراسة بالتغيرات الهامة التي يفرضها التحول الرقمي للأعمال على الثقافة والهياكل التنظيمية. وتؤكد على أن الموظفين الحاليين والمستقبليين مطالبون بتطوير مهاراتهم الرقمية من خلال استيعاب التقنيات الرقمية والأشكال الجديدة للأتمتة ضمن مجالات تخصصهم. تم الاستشهاد بمنظمة السياحة العالمية (UNWTO)، مشيرة إلى أنه بينما لا يزال مستقبل السياحة بعد كوفيد-19 غير مؤكد إلى حد ما، فإن قدرة القطاع على التكيف وتقديم حلول مبتكرة للتحديات الجديدة ستكون حاسمة للتعافي وإعادة إشعال الاقتصادات. يُسلط الضوء على الابتكار كأولوية قصوى على أجندة السياحة على جميع مستويات الحكومة، حيث يعمل كأداة حاسمة لإدارة النشاط السياحي. على الرغم من هذا الاعتراف العالمي، يشير المصدر إلى أن وكالات السفر المصرية كانت بطيئة في التكيف مع التحول الرقمي، كما يتضح من دراسة سابقة. يوفر هذا التأخر في التبني الدافع المركزي للبحث الحالي لتقييم التأثير المحتمل لقدرة استيعاب الموظفين على التحول الرقمي ضمن هذا السياق الوطني المحدد. يوضح المصدر كذلك نطاق التحول الرقمي في السياحة والسفر، ليشمل أنظمة تكنولوجيا المعلومات وتأثير التقنيات الاجتماعية والمتنقلة والتحليلات والسحابة وإنترنت الأشياء (SMACIT). تعمل تطورات البيانات الضخمة والحوسبة السحابية على تسهيل تخصيص حزم السفر، بينما توفر التقنيات الرقمية للزوار وظائف متنوعة وتساعد في التغلب على القيود مثل مخاطر الوباء. في نهاية المطاف، يشكل التحول الرقمي كيفية تفاعل شركات السياحة وتواصلها مع عملائها.
  • أهمية القدرة الاستيعابية للموظفين للتحول الرقمي: يفترض البحث أن تعزيز القدرة الاستيعابية للموظفين أمر ضروري للتحول الرقمي لخدمات السفر. وهو يعتمد على الأدبيات الراسخة التي تعترف بالقدرة الاستيعابية كمفهوم حاسم في البحث التنظيمي المعاصر، وينطبق على جوانب ومواقف متنوعة. يشير المصدر إلى العمل التأسيسي لكوهين وليفينثال (1990) وزهرة وجورج (2002) كرواد نظريين للقدرة الاستيعابية. عرفها كوهين وليفينثال بأنها قدرة الشركة على التعرف على قيمة المعلومات الجديدة واستيعابها وتطبيقها لتحقيق أهداف مالية. قدم زهرة وجورج (2002) تعريفًا أكثر شمولاً، حيث وصفوا القدرة الاستيعابية بأنها قدرة ديناميكية تتألف من الإجراءات الروتينية التنظيمية والعمليات الاستراتيجية التي تمكن الشركات من اكتساب المعرفة واستيعابها وتحويلها واستغلالها لخلق قيمة. تؤكد الدراسة على أنه لكي تخضع وكالات السفر المصرية للتحول الرقمي بفعالية، يجب على موظفيها امتلاك وتطوير هذه القدرة على استيعاب واستخدام المعرفة والتقنيات الرقمية الجديدة. ويلاحظ أيضًا أنه قبل هذه الدراسة، كانت القدرة الاستيعابية مجالًا تم إغفاله بشكل ملحوظ في أبحاث السياحة.
  • أبعاد القدرة الاستيعابية وتأثيرها على التحول الرقمي: تتبنى الدراسة إطار عمل زهرة وجورج (2002)، الذي يحدد القدرة الاستيعابية في أربعة أبعاد: اكتساب المعرفة، والاستيعاب، والتحويل، والاستغلال. يتضمن الاكتساب تحديد واكتساب المعرفة الخارجية الهامة. الاستيعاب هو عملية تحليل وتفسير وفهم هذه المعرفة الجديدة. يتضمن التحويل تطوير وتحسين العمليات لدمج المعرفة الحالية مع المعرفة المكتسبة والمستوعبة حديثًا. يشير الاستغلال إلى تطبيق هذه المعرفة المكتسبة والمحولة حديثًا في عمليات المنظمة لخلق قيمة. النتيجة الرئيسية للبحث هي أن القدرة الاستيعابية للموظفين، وخاصة بعد الاستغلال، لها تأثير إيجابي وهام على التحول الرقمي لوكالات السفر المصرية. يشير هذا إلى أن قدرة الموظفين على تطبيق المعرفة الرقمية المكتسبة حديثًا أمر حاسم لدفع التحول الرقمي داخل هذه الوكالات. ومن المثير للاهتمام، وجدت الدراسة أيضًا تأثيرًا سلبيًا ضعيفًا لاكتساب المعرفة وتأثيرًا سلبيًا لاستيعاب المعرفة على التحول الرقمي في هذا السياق. علاوة على ذلك، وجد أن تحويل المعرفة له تأثير غير هام على التحول الرقمي. تشير هذه النتائج غير المتوقعة إلى وجود علاقة معقدة بين الأبعاد المختلفة للقدرة الاستيعابية والتحول الرقمي في البيئة المحددة لوكالات السفر المصرية.
  • التحديات والفرص في التحول الرقمي لوكالات السفر: يسلط المصدر الضوء على أن المتخصصين في السياحة يواجهون تحديات في فهم الاتجاهات التكنولوجية لإعادة ابتكار خدماتهم وتحويلها رقميًا، مع التركيز بشكل خاص على تحليل البيانات والتقنيات المتكاملة. ويشير أيضًا إلى أن المنظمات قد تدرك ضرورة التحول الرقمي ولكنها تفشل في التصرف بناءً على هذه الرؤية. بالنسبة لوكالات السفر المصرية، يُقدم التكيف مع التحول الرقمي كعقبة كبيرة. تؤكد الدراسة أن الخطوة الأولى نحو التحول الرقمي هي وضع استراتيجية وثقافة أساسية للرقمنة، والتي تنطوي على تغيير ممارسات الأعمال من حيث الإجراءات الداخلية والكفاءة والتفاعلات مع العملاء والفرص. التغيير التنظيمي، الذي يشمل الأفراد والإجراءات والتكتيكات والهياكل والديناميكيات التنافسية، هو في صميم تحول الأعمال الرقمية، مما يمثل تحديات وفرصًا على حد سواء. يقدم المصدر أمثلة على كيفية تحويل خدمات السياحة والسفر رقميًا في مراحل مختلفة، مثل إنشاء مواقع ويب تفاعلية، واستخدام رموز الاستجابة السريعة (QR codes)، وتقديم خدمات ذات قيمة مضافة، وتسهيل الحجوزات عبر الإنترنت، ودمج التقنيات المستقبلية مثل الواقع الافتراضي والمعزز، وإنترنت الأشياء، والشبكات الاجتماعية الدلالية. كما تم التأكيد على أهمية برامج التدريب المستمر للموظفين لتعلم كيفية استغلال المعرفة المكتسبة حديثًا لتحقيق فوائد تجارية.

 

ثالثاً: نقاط الاتفاق والخلاف والفجوات في البحث

يتفاعل البحث المقدم في المصدر مع الأدبيات الحالية حول القدرة الاستيعابية والابتكار، كاشفًا عن نقاط اتفاق وخلاف وفجوات كبيرة، لا سيما في سياق السياحة والقطاع المصري:

  • الاتفاق: تتوافق الدراسة مع الاعتراف العام في الأدبيات الأوسع بأن الابتكار والتكيف أمران حاسمان للشركات للحفاظ على قدرتها التنافسية في البيئات الديناميكية، وهي فكرة يتردد صداها في سياق تعافي السياحة بعد كوفيد-19. هناك أيضًا اتفاق عام على أن القدرة الاستيعابية تلعب دورًا في تمكين الابتكار التنظيمي. تتوافق نتيجة أن بُعد الاستغلال للقدرة الاستيعابية يرتبط بشكل إيجابي بالنتائج التنظيمية المرغوبة مع بعض الأبحاث السابقة التي سلطت الضوء على أهمية تطبيق المعرفة المكتسبة لتحقيق قيمة الأعمال. يستشهد المصدر بـ Cruz-Ros وآخرين (2018)، الذين وجدوا أيضًا أن بُعد الاستغلال كان له التأثير الأكبر على ابتكار الأعمال في وكالات السفر (وإن كان ذلك في كولومبيا).
  • الخلاف والنتائج المختلطة: تكمن النقطة الأبرز للخلاف والنقاش المحتمل في التأثير السلبي لاكتساب المعرفة واستيعابها على التحول الرقمي في سياق وكالات السفر المصرية. تتعارض هذه النتيجة مع الفهم البديهي الأكثر شيوعًا للقدرة الاستيعابية، حيث يُنظر عادةً إلى هذه المراحل الأولية على أنها شروط مسبقة للتحول والاستغلال اللاحقين. بينما يذكر المصدر أن Cruz-Ros وآخرين (2018) لم يجدوا أيضًا تأثيرًا إيجابيًا كبيرًا للاكتساب والاستيعاب على الابتكار في وكالات السفر الكولومبية، فإن العلاقة السلبية التي تم العثور عليها في السياق المصري تستدعي مزيدًا من التدقيق. يشير هذا إلى أن مجرد اكتساب وفهم المعرفة الرقمية الجديدة قد لا يترجم مباشرة إلى تحول رقمي ناجح في هذه البيئة المحددة، ربما بسبب عوامل وسيطة أو معدلة أخرى لم يتم استكشافها في هذه الدراسة. علاوة على ذلك، فإن التأثير غير الهام لتحويل المعرفة يتوافق جزئيًا مع Ali وآخرين (2016)، الذين وجدوا أنه ليس له أي تأثير على ابتكار العمليات في صناعة مختلفة، ولكنه لا يزال يتطلب مزيدًا من البحث داخل قطاع السياحة المصري لفهم سبب عدم مساهمة القدرة على الجمع بين المعرفة الجديدة والحالية بشكل كبير في التحول الرقمي.
  • الفجوات البحثية: تعالج الدراسة صراحة فجوة بحثية هامة من خلال كونها الأولى في التحقيق في تأثير القدرة الاستيعابية لموظفي وكالات السفر على التحول الرقمي لخدمات السياحة والسفر داخل السياق المصري. يلاحظ المؤلف أن القدرة الاستيعابية قد تم تجاهلها إلى حد كبير أو أنها غير قابلة للتطبيق في الأبحاث المتعلقة بالسياحة قبل السنوات الأخيرة. بناءً على النتائج، يدعو الباحث إلى إجراء أبحاث مستقبلية للتعمق في العوامل الممكنة والعوائق للقدرة الاستيعابية داخل وكالات السفر المصرية، وكذلك الأسباب الكامنة وراء التأثير السلبي لأبعاد القدرة الاستيعابية المحتملة (الاكتساب والاستيعاب) على التحول الرقمي. يمكن للأبحاث الإضافية أيضًا استكشاف الدور غير الهام لتحويل المعرفة في هذا السياق. يسلط هذا الضوء على الحاجة إلى فهم أكثر دقة للظروف المحددة والخصائص التنظيمية داخل السياحة المصرية التي قد تؤثر على العلاقة بين الجوانب المختلفة للقدرة الاستيعابية للموظفين والتنفيذ الناجح لاستراتيجيات التحول الرقمي.

 

رابعاً: المنهجيات ذات الصلة المستخدمة

استخدمت الدراسة منهجية كمية صارمة للتحقيق في العلاقات المفترضة:

  • تصميم ومنهج البحث: استخدم البحث المنهج الاستنباطي لاختبار الفرضيات المصاغة فيما يتعلق بتأثير الأبعاد الأربعة للقدرة الاستيعابية للموظفين على التحول الرقمي لوكالات السفر المصرية. اعتمدت منهجًا كميًا لتحليل العلاقات بين هذه المتغيرات.
  • أسلوب وأفراد العينة: تم استخدام أسلوب العينة العشوائية البسيطة لاختيار عينة ممثلة من مجتمع وكالات السفر المصرية من الفئة أ، المسجلة لدى اتحاد شركات السفر المصرية (ETAA). حددت الدراسة 1008 وكالة سفر من الفئة أ كإطار للمعاينة ونجحت في جمع البيانات من 278 وكالة، تمثل حجم عينة محسوبًا بناءً على المتطلبات الإحصائية. أدى معدل استجابة بنسبة 75٪ إلى 209 استبيانًا صالحًا للاستخدام.
  • أداة جمع البيانات: كان الاستبيان شبه المنظم هو الأداة الأساسية لجمع البيانات. تم تصميم الاستبيان لقياس المكونات الخمسة الرئيسية للدراسة: اكتساب المعرفة، استيعاب المعرفة، تحويل المعرفة، استغلال المعرفة (جميعها تشكل القدرة الاستيعابية للموظفين)، والتحول الرقمي. تم تكييف البنود المستخدمة لقياس هذه المكونات من دراسات سابقة منشورة في مجلات محكمة، مما يضمن مستوى معينًا من صدق المحتوى. على وجه التحديد، تم قياس أبعاد القدرة الاستيعابية باستخدام مقاييس تستند إلى عمل زهرة وجورج (2002) وفلاتن وآخرين (2011)، بينما تم قياس التحول الرقمي باستخدام بنود تم تكييفها من سيثنا وآخرين (2017) ودريدج وآخرين (2019). تم قياس جميع البنود باستخدام مقاييس ليكرت الخماسية، تتراوح من غير موافق بشدة إلى موافق بشدة.
  • أسلوب تحليل البيانات: كانت نمذجة المعادلات الهيكلية (SEM) هي التقنية الإحصائية الأساسية المستخدمة لتحليل البيانات الكمية. تم اختيار SEM لقدرتها على قياس العلاقات السببية المعقدة بين مكونات متعددة في وقت واحد. تم إجراء التحليل باستخدام برنامج Amos الإصدار 26. قيمت الدراسة أيضًا موثوقية وصدق نموذج القياس. تم استخدام الموثوقية المركبة وألفا كرونباخ لتقييم الاتساق الداخلي، حيث تجاوزت القيم 0.70 لجميع المكونات مما يشير إلى موثوقية جيدة. كانت قيم متوسط التباين المستخلص (AVE) أكبر من 0.50، مما يدل على الصدق التقاربي. بالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ اختبار جارك-بيرا لجودة التوفيق لضمان أن بيانات العينة تقترب من التوزيع الطبيعي. تضمن تقييم النموذج الهيكلي فحص معاملات الانحدار الموزونة لتحديد اتجاه وأهمية العلاقات بين أبعاد القدرة الاستيعابية للموظفين والتحول الرقمي. تم استخدام مؤشرات جودة توفيق النموذج مثل مربع كاي، ودرجات الحرية، والقيمة الاحتمالية (P-value)، ومؤشر الملاءمة المقارن (CFI)، والجذر التربيعي لمتوسط مربع خطأ التقريب (RMSEA)، ومؤشر الملاءمة المعياري المقتصد (PNFI) لتقييم الملاءمة العامة للنموذج المقترح.

 

خامساً: التطور في المجال بمرور الوقت

يشير المصدر إلى مسار تطوري في تصور وتطبيق القدرة الاستيعابية:

  • تطور مفهوم القدرة الاستيعابية ليصبح مجالًا هامًا للبحث في الدراسات التنظيمية على مدى العقود القليلة الماضية. يلاحظ المصدر أن الأعمال التأسيسية لكوهين وليفينثال (1990) وزهرة وجورج (2002) تعتبر حجر الزاوية النظري في هذا المجال، حيث قدمت تعريفات وأطر عمل أساسية. قامت الأبحاث اللاحقة بصقل وتوسيع المفهوم، كما يتضح من الاستشهادات بالعديد من العلماء.
  • ومع ذلك، كان تطبيق القدرة الاستيعابية في قطاع السياحة ظاهرة حديثة نسبيًا، حيث يذكر المصدر صراحة أنه كان "مجالًا بحثيًا تم إغفاله بشكل ملحوظ في الدراسات السياحية". قبل الدراسات المذكورة في المصدر (معظمها من العقد الماضي)، ربما لم تستخدم الأبحاث حول الابتكار والقدرات التنظيمية في السياحة صراحة عدسة القدرة الاستيعابية.
  • من المرجح أن يكون البروز المتزايد للتقنيات الرقمية والاعتراف المتنامي بالحاجة إلى التحول الرقمي في صناعة السياحة، والذي تسارع بشكل خاص بسبب الأحداث العالمية، قد أثار اهتمامًا أكبر بفهم العوامل التي تسهل أو تعيق هذا التحول. وبالتالي، اكتسبت القدرة الاستيعابية للموظفين، كقدرة داخلية حاسمة للاستفادة من المعرفة الجديدة، أهمية في هذا السياق.
  • تساهم الدراسة المقدمة في المصدر في هذا الكم الناشئ من الأدبيات التي تدرس بشكل خاص دور القدرة الاستيعابية في صناعة السياحة، مع التركيز على تأثيرها على التحديات المعاصرة مثل التحول الرقمي ضمن سياق وطني محدد (مصر). يشير هذا إلى تطور في المجال نحو تطبيق النظريات التنظيمية الراسخة لفهم الديناميكيات الفريدة لقطاع السياحة في مواجهة التغير التكنولوجي.

 

سادساً: رؤى نقدية حول التوافق والتباين

تقدم نتائج الدراسة حول وكالات السفر المصرية رؤى نقدية حول قابلية تطبيق وإطار عمل القدرة الاستيعابية ودقائقه في صناعة وسياق وطني محدد:

 

  • تعزز الدراسة الطبيعة متعددة الأبعاد للقدرة الاستيعابية، كما اقترحها زهرة وجورج (2002)، من خلال فحص التأثيرات المتميزة للاكتساب والاستيعاب والتحويل والاستغلال على التحول الرقمي. يتوافق هذا مع الأسس النظرية لمفهوم القدرة الاستيعابية.
  • يؤكد التأثير الإيجابي والهام لاستغلال المعرفة على التحول الرقمي على الأهمية العملية ليس فقط للتعلم عن التقنيات الرقمية الجديدة ولكن أيضًا لتطبيق تلك المعرفة بفعالية لتنفيذ التغييرات والابتكارات داخل وكالات السفر. تتسق هذه النتيجة مع الفكرة العامة بأن القيمة النهائية للقدرة الاستيعابية تتحقق من خلال تطبيق المعرفة المكتسبة.
  • ومع ذلك، فإن التأثير السلبي غير المتوقع لاكتساب المعرفة واستيعابها يثير أسئلة جوهرية حول العوامل السياقية المؤثرة داخل قطاع السياحة المصري. يشير هذا التباين عن العلاقة الإيجابية المفترضة بشكل أكثر شيوعًا إلى أن عوامل أخرى، مثل الهياكل التنظيمية، أو الوصول إلى الموارد، أو الطبيعة المحددة للتقنيات الرقمية التي يتم إدخالها، قد تتوسط أو تعدل تأثير هذه القدرات الاستيعابية المحتملة على نتائج التحول الرقمي الفعلية. يمكن أن يشير أيضًا إلى أن مجرد اكتساب وفهم المعرفة الرقمية الواسعة دون تركيز استراتيجي واضح على الاستغلال قد يؤدي إلى عدم الكفاءة أو سوء تخصيص الموارد.
  • يستدعي الدور غير الهام لتحويل المعرفة في دفع التحول الرقمي في هذا السياق مزيدًا من البحث. قد يشير ذلك إلى أن القدرة على الجمع بين المعرفة الرقمية الجديدة والخبرة الحالية ليست عنق زجاجة حاسمًا أو محركًا للتغيير في وكالات السفر المصرية، ربما لأن طبيعة التحول الرقمي في هذا القطاع قد تكون أكثر تركيزًا على التطبيق المباشر (الاستغلال) بدلاً من التكامل المعقد لقواعد المعرفة المختلفة.
  • من خلال التركيز على قطاع السياحة المصري، يعالج البحث فجوة سياقية هامة ويسلط الضوء على أن العلاقات بين القدرة الاستيعابية والنتائج التنظيمية مثل التحول الرقمي قد لا تكون قابلة للتطبيق عالميًا عبر جميع الصناعات أو السياقات الوطنية. قد تلعب الخصائص المحددة لصناعة السياحة المصرية، وبنيتها التحتية، ومحو الأمية الرقمية لقوتها العاملة، وطبيعة مشهدها التنافسي، دورًا في تشكيل هذه العلاقات.
  • تحمل نتائج الدراسة تداعيات عملية مهمة، مما يشير إلى أنه بالنسبة لوكالات السفر المصرية التي تهدف إلى التحول الرقمي، يجب تركيز الجهود بشكل خاص على تعزيز قدرة موظفيها على استغلال المعرفة الرقمية من خلال التدريب والموارد والدعم التنظيمي، مع فهم ومعالجة العوامل التي قد تؤدي إلى التأثير السلبي للاكتساب والاستيعاب في هذا السياق المحدد أيضًا.

 

سابعاً: الخاتمة

تسلط مراجعة الأدبيات هذه، بناءً على المصدر المقدم، الضوء على الدور الحاسم للقدرة الاستيعابية للموظفين في التحول الرقمي لقطاع السياحة المصري. تقدم الدراسة مساهمة كبيرة من خلال توفير نموذج تم التحقق منه يفحص هذه العلاقة ضمن سياق لم يتم بحثه سابقًا بشكل كافٍ. النتيجة الرئيسية المتمثلة في أن استغلال المعرفة له تأثير إيجابي وهام على التحول الرقمي، بينما يظهر اكتساب المعرفة واستيعابها تأثيرًا سلبيًا، تقدم فهمًا دقيقًا لكيفية عمل القدرة الاستيعابية في هذه الصناعة المحددة والبيئة الوطنية. يزيد التأثير غير الهام لتحويل المعرفة من تعقيد هذه العلاقة. تحدد الأبحاث فجوات هامة في الأدبيات الحالية، لا سيما فيما يتعلق بالعوامل الممكنة والعوائق للقدرة الاستيعابية والتحول الرقمي في وكالات السفر المصرية، وكذلك الأسباب الكامنة وراء التأثيرات السلبية غير المتوقعة التي لوحظت. توفر المنهجية المستخدمة، التي تستخدم نهجًا كميًا مع تحليل نمذجة المعادلات الهيكلية (SEM) على البيانات التي تم جمعها من عينة ممثلة من وكالات السفر المصرية، أساسًا متينًا لهذه النتائج. تشير رؤى الدراسة إلى أنه لكي تتمكن وكالات السفر المصرية من التنقل بنجاح في التحول الرقمي، فإن التركيز الاستراتيجي على تعزيز قدرة الموظفين على تطبيق واستخدام المعرفة الرقمية الجديدة أمر بالغ الأهمية. يجب أن تتعمق الأبحاث المستقبلية في العوامل السياقية التي تشكل التفاعل بين الأبعاد المختلفة للقدرة الاستيعابية للموظفين ونتائج التحول الرقمي في هذا السياق والسياقات السياحية الأخرى المحتملة. تؤكد الآثار العملية للمديرين على الحاجة إلى إعطاء الأولوية لتطوير قدرات استغلال المعرفة داخل قوتهم العاملة للاستفادة بفعالية من الفرص التي يتيحها العصر الرقمي.

 

الأسئلة الشائعة: القدرة الاستيعابية للموظفين والتحول الرقمي في السياحة

  1. 1. ما هي "القدرة الاستيعابية" في سياق هذه الدراسة، ولماذا تعتبر مهمة للشركات، وخاصة وكالات السفر؟

    القدرة الاستيعابية (AC) تشير إلى قدرة الشركة على التعرف على قيمة المعلومات الخارجية الجديدة، واستيعابها، وتطبيقها لخلق قيمة. تركز هذه الدراسة على القدرة الاستيعابية للموظفين داخل وكالات السفر المصرية. إنها حاسمة لأنه في مشهد رقمي سريع التطور، تحتاج وكالات السفر إلى التكيف مع التقنيات الجديدة والأتمتة للحفاظ على قدرتها التنافسية وتلبية سلوكيات المستهلكين المتغيرة. يمكن للموظفين ذوي القدرة الاستيعابية القوية فهم واستخدام الأدوات الرقمية الجديدة بشكل أفضل، مما يدفع التحول الرقمي للوكالة وربما يؤدي إلى الابتكار في الخدمات والعمليات.

 

  1. 2. كيف تُعرّف هذه الدراسة "التحول الرقمي" داخل قطاع خدمات السياحة والسفر؟

    التحول الرقمي في هذا السياق يتجاوز مجرد وجود تواجد عبر الإنترنت. إنه يشمل تكامل أنظمة تكنولوجيا المعلومات وتأثير التقنيات الاجتماعية والمتنقلة والتحليلات والسحابة وإنترنت الأشياء (SMACIT). يتضمن تغييرات في ممارسات الأعمال، ليس فقط في الكفاءة الداخلية ولكن أيضًا في تفاعلات العملاء والفرص. يشمل ذلك الاستفادة من التقنيات لتدفقات المستندات الرقمية الذكية، والمحاسبة الإلكترونية، والمدفوعات عبر الهاتف المحمول، والتخزين السحابي، وعروض الخدمات الشخصية من خلال البيانات الضخمة، واستخدام منصات مثل وكالات السفر عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لإشراك العملاء وتقديم الخدمات.

 

  1. 3. ما كانت النتائج الرئيسية لهذه الدراسة بخصوص تأثير القدرة الاستيعابية للموظفين على التحول الرقمي لوكالات السفر المصرية؟

    وجدت الدراسة أن القدرة الاستيعابية للموظفين، وتحديداً "بُعد الاستغلال" (القدرة على تطبيق المعرفة المكتسبة والمحولة حديثًا على العمليات)، لها تأثير إيجابي وهام على التحول الرقمي لوكالات السفر المصرية. والمثير للدهشة، وجدت الدراسة أيضًا أن "الأبعاد المحتملة" للقدرة الاستيعابية - اكتساب المعرفة (تحديد والحصول على المعرفة الخارجية) والاستيعاب (صقل ودمج المعرفة الخارجية) - كان لها تأثير سلبي على التحول الرقمي في هذا السياق المحدد. أظهر تحويل المعرفة (دمج الخبرة الحالية مع المعرفة الجديدة) تأثيرًا غير هام.

 

  1. 4. لماذا قد يكون لاكتساب المعرفة واستيعابها تأثير سلبي على التحول الرقمي في السياق المدروس؟

    يمكن أن يُعزى التأثير السلبي لاكتساب المعرفة واستيعابها، على الرغم من أنه يبدو غير بديهي، إلى عدة عوامل خاصة بسياق وكالات السفر المصرية. من المحتمل أن التركيز القوي على اكتساب وفهم المعرفة الرقمية الجديدة دون القدرة أو الموارد الفورية لتنفيذها واستخدامها بفعالية قد يؤدي إلى تأخير أو ارتباك أو شعور بالإرهاق، مما يعيق التحول الرقمي الفعلي. قد يشير أيضًا إلى أن المعرفة المكتسبة ليست دائمًا قابلة للتطبيق بشكل مباشر أو سهلة الاندماج في عملياتها الحالية. هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم هذه الارتباطات السلبية بشكل كامل.

 

  1. 5. ماذا يوحي التأثير الإيجابي لـ "بُعد الاستغلال" للقدرة الاستيعابية لوكالات السفر التي تتطلع إلى التحول الرقمي؟

    يسلط التأثير الإيجابي لبُعد الاستغلال الضوء على أهمية القدرة على تنفيذ واستخدام المعرفة الرقمية المكتسبة حديثًا بفعالية. يجب على وكالات السفر التركيز على تطوير قدرة موظفيها على تطبيق التقنيات والرؤى الجديدة في عملياتهم اليومية وتقديم الخدمات وتفاعلات العملاء. يمكن أن يشمل ذلك توفير تدريب عملي، وإنشاء عمليات واضحة لتبني التكنولوجيا، وتعزيز ثقافة تشجع على تطبيق المهارات الرقمية الجديدة لتحسين الخدمات والكفاءة.

 

  1. 6. بناءً على النتائج، ما هي بعض الآثار العملية للمديرين وأصحاب وكالات السفر في تعزيز تحولهم الرقمي؟

    يجب على وكالات السفر إعطاء الأولوية لتعزيز قدرة موظفيها على استغلال المعرفة الرقمية الجديدة من خلال:

  • توفير برامج تدريب مستمرة وفعالة تركز على التطبيق العملي للتقنيات الجديدة.
  • إنشاء أقسام للبحث والتطوير أو فرق متخصصة لاستكشاف وتنفيذ الابتكارات الرقمية ذات الصلة.
  • تعزيز التعاون بين الموظفين ومع الكيانات الخارجية مثل المؤسسات الأكاديمية لتسهيل تبادل المعرفة وتطبيقها.
  • تشجيع ثقافة تنظيمية مفتوحة تدعم تبني وتجربة الأدوات والعمليات الرقمية الجديدة.
  • تطوير طرق منهجية لجمع وتطبيق الرؤى من كل من المعرفة الداخلية والمصادر الخارجية.
  • النظر في نهج الابتكار المفتوح الذي يركز على الاستغلال السريع للمعرفة الجديدة لاكتساب ميزة تنافسية.

 

  1. 7. كيف تساهم هذه الدراسة في البحث الحالي حول القدرة الاستيعابية والابتكار في صناعة السياحة؟

    تساهم هذه الدراسة من خلال فحص تأثير كل بُعد من أبعاد القدرة الاستيعابية للموظفين على التحول الرقمي لوكالات السفر بشكل خاص، وهو شكل محدد من الابتكار التكنولوجي داخل قطاع السياحة. إنها تملأ فجوة في الأبحاث السابقة التي غالبًا ما أغفلت دور القدرة الاستيعابية في التطور الرقمي للسياحة، لا سيما في سياق وكالات السفر المصرية. تقدم النتائج، وخاصة التأثير السلبي لأبعاد القدرة الاستيعابية المحتملة، منظورًا دقيقًا يمكن أن يوجه البحث المستقبلي والاستراتيجيات العملية في الصناعة.

 

  1. 8. ما هي بعض المجالات المحتملة للبحث المستقبلي بناءً على نتائج هذه الدراسة؟

    يمكن للأبحاث المستقبلية التعمق في:

  • تحديد العوامل الممكنة المحددة التي تعزز الأبعاد المختلفة للقدرة الاستيعابية داخل وكالات السفر.
  • استكشاف الأسباب الكامنة وراء التأثير السلبي لاكتساب المعرفة واستيعابها على التحول الرقمي في هذا السياق.
  • التحقيق في العوائق المحددة التي تعيق التحول الرقمي داخل وكالات السفر المصرية.
  • فحص دور الثقافة التنظيمية والقيادة في تعزيز القدرة الاستيعابية للموظفين ودفع التحول الرقمي الناجح. 
  • إجراء دراسات مماثلة في سياقات جغرافية مختلفة أو مع أنواع أخرى من شركات السياحة لمعرفة ما إذا كانت هذه النتائج قابلة للتعميم.

)Aboushouk, 2022(

References

Aboushouk, M. A. (2022). The Impact of Employees’ Absorptive Capacity on Digital Transformation of Tourism and Travel Services: Evidence from the Egyptian Travel Agencies. In Eurasian Studies in Business and Economics (Vol. 23, pp. 167–184). Springer Science and Business Media B.V. https://doi.org/10.1007/978-3-031-14395-3_9

 

اضافة تعليق

تواصل معنا من خلال الواتس اب