تبدو جيدًا أم تفعل شيئًا جيدًا؟ تصور المهمة والاستدامة

أولاً: المقدمة

تعتبر بيانات مهمة الجامعة (University mission statements) ضرورية في التعليم العالي، حيث تعمل بمثابة إعلان عام عن القيم الأساسية للمؤسسة، وغرضها، وأهدافها. إنها تنقل ما تهدف الجامعة إلى تحقيقه، وتوجه عملياتها، وتشكل هويتها. في السنوات الأخيرة، واجهت الجامعات ضغوطًا متزايدة لإثبات مسؤوليتها الاجتماعية والتزامها بالمشاركة المجتمعية. وقد أدى ذلك إلى تدقيق أكبر في بيانات مهمتها ووثائق التخطيط الاستراتيجي الخاصة بها. السؤال المركزي الذي تتناوله هذه المراجعة الأدبية هو ما إذا كانت الجامعات الأمريكية "تفعل الخير" حقًا من خلال إجراءات ملموسة، أو مجرد "الظهور بمظهر جيد" من خلال التعبير عن قيم مسؤولة اجتماعيًا في بيانات مهمتها. تهدف هذه المراجعة إلى تلخيص ودمج وتقييم الأبحاث الحالية حول هذا الموضوع، وتسليط الضوء على الموضوعات الرئيسية، ونقاط الاتفاق والنقاش، والمنهجيات ذات الصلة، وتطور المجال بمرور الوقت.

ثانياً: دور بيانات المهمة في التعليم العالي

تُعلم بيانات مهمة الجامعة الجمهور بغرض المؤسسة، وتشمل إنشاء المعرفة ونشرها، والتدريس، ومسؤولية عامة (اجتماعية) متميزة. تعكس هذه البيانات الهوية التنظيمية للمؤسسة وموقعها ضمن المشهد الأكاديمي والمجتمعي الأوسع. تنتشر بيانات المهمة في التعليم العالي وتخدم أصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين. إنها توجه العمليات التنظيمية والأهداف والإجراءات الإستراتيجية، خاصة في أوقات الأزمات. على هذا النحو، فهي ممارسات إدارية رئيسية تستدعي اهتمامًا وثيقًا.

ثالثاً: "الظهور بمظهر جيد": الخطاب مقابل الواقع

تستخدم العديد من الجامعات بيانات مهمتها لإظهار صورة إيجابية لالتزامها بالمسؤولية الاجتماعية والاستدامة والمشاركة المجتمعية. يمكن أن يشمل ذلك إبراز قيم مثل الخدمة العامة والتنمية الاقتصادية والإشراف البيئي. ومع ذلك، هناك خطر من أن هذه البيانات قد لا تترجم دائمًا إلى إجراءات ملموسة أو تأثير ذي مغزى. يشير باباديميتريو وشيفيكر (2024) إلى مفهوم "الانتقاء"، حيث تشارك الجامعات بشكل انتقائي في أهداف أقل تحديًا أو إشكالية لتعزيز صورتها العامة دون إجراء تغييرات جوهرية.

يمكن أيضًا اعتبار اعتماد أهداف التنمية المستدامة (SDGs) بمثابة استراتيجية لاكتساب الشرعية والدعم من أصحاب المصلحة، وربما دون التزام عميق بالمبادئ الأساسية. انتقد بعض الباحثين مشاركة الجامعة والمجتمع لكونها خطابًا أكثر من كونها عملًا، مما يشير إلى أن الجامعات قد تعطي الأولوية للمظاهر على المشاركة الحقيقية. وقد تردد صدى أن مشاركة الجامعة والمجتمع كانت خطابًا (تزيينًا للواجهة) أكثر من كونها أفعالًا. في نهاية المطاف، يعد توافق القيم المعلنة مع الممارسات الفعلية أمرًا بالغ الأهمية حتى يُنظر إلى الجامعات على أنها أصيلة وذات مصداقية.

رابعاً: "فعل ما هو جيد": قياس التأثير والعمل

للتحرك إلى ما هو أبعد من الخطاب، تحتاج الجامعات إلى إظهار إجراءات ملموسة وتأثير قابل للقياس في مجالات مثل المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة. وهذا يتطلب تخطيطًا استراتيجيًا يحدد إجراءات محددة لتحقيق مهمة الجامعة وتحقيق أهدافها. تلعب المقاييس ومؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) والمعايير دورًا حيويًا في تقييم تقدم الجامعة وضمان المساءلة.

يوفر إطار "النتيجة الثلاثية" (TBL)، الذي يشمل الأفراد والكوكب والازدهار، نهجًا مفيدًا لدمج الاعتبارات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية في مهمة الجامعة وتخطيطها الاستراتيجي. من خلال اعتماد نهج TBL، يمكن للجامعات تدقيق وفاءها بالتزامات أصحاب المصلحة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. قامت بعض الجامعات بتنفيذ تدابير واستراتيجيات محددة لمعالجة القضايا الاجتماعية والبيئية، مثل إنشاء برامج لدعم الشباب والأسر التي تواجه تحديات.

خامساً: أهداف التنمية المستدامة (SDGs) ودور الجامعة

تقدم أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، التي وضعتها الأمم المتحدة، إطارًا شاملاً لمعالجة التحديات العالمية وتعزيز التنمية المستدامة. تلعب مؤسسات التعليم العالي دورًا رئيسيًا في تحقيق هذه الأهداف من خلال التعليم والبحث والمشاركة المجتمعية. يمكن للجامعات دمج أهداف التنمية المستدامة في بيانات مهمتها وتخطيطها الاستراتيجي لإثبات التزامها بالاستدامة العالمية.

تعد تصنيفات تأثير التعليم العالي (THE) أداة لتقييم أداء الجامعة مقابل أهداف التنمية المستدامة، مما يوفر مقارنة شاملة ومتوازنة عبر البحث والإشراف والتوعية والتدريس. ومع ذلك، واجهت تصنيفات التأثير انتقادات فيما يتعلق بالأهداف والمؤشرات المستخدمة، وكذلك المنهجية المعتمدة. على الرغم من هذا النقد، تدعم الجامعات في جميع أنحاء العالم، في حدود قدرتها، أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.

سادساً: الثغرات في الأدبيات واتجاهات البحث المستقبلية

البحوث الحالية لديها قيود، بما في ذلك ندرة الدراسات التي تبحث في "المهمة الثالثة" للجامعة فيما يتعلق بجميع أهداف التنمية المستدامة. هناك حاجة إلى مزيد من البحث حول العوامل الموجهة نحو المهمة مثل أهداف التنمية المستدامة في سياق جهود "المهمة الثالثة" لمعالجة هذه الفجوة. يمكن أن تشمل اتجاهات البحث المستقبلية ما يلي:

  • التحقيق في الأسباب التي قد تجعل الجامعات لا تستثمر أكثر في الاهتمامات البيئية والبيئية.
  • إجراء مقابلات مع قادة الجامعات لفهم دوافعهم للمشاركة في تصنيفات التأثير وخططهم لتطوير الجهود المستدامة.
  • فحص تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) وإدارة الجودة الشاملة (TQM) في الجامعات.
  • دراسة دور الجامعات في عمليات الابتكار ونقل التكنولوجيا.

سابعاً: الخاتمة

تسلط هذه المراجعة الأدبية الضوء على وجود فجوة بين "الظهور بمظهر جيد" و"فعل الخير" في الجامعات الأمريكية فيما يتعلق ببيانات مهمتها وإجراءاتها المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة. في حين أن الجامعات غالبًا ما تعبر عن قيم مسؤولة اجتماعيًا في بيانات مهمتها، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من المواءمة مع الإجراءات الملموسة والتأثير القابل للقياس. يجب على الجامعات تجاوز الخطاب وإظهار التزام حقيقي بـ "مهمتها الثالثة" من خلال التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء والتفاعل مع أهداف التنمية المستدامة. من خلال القيام بذلك، يمكن للجامعات أن تفي بدورها في تعزيز المسؤولية الاجتماعية والمساهمة في مستقبل أكثر استدامة.

أسئلة وأجوبة حول المهمة العامة للجامعات وأهداف التنمية المستدامة

  1. ما هي "المهمة الثالثة" للجامعات الأمريكية، وما أهميتها؟
    تشير "المهمة الثالثة" إلى مشاركة الجامعة المجتمعية ومساهمتها في الصالح العام، بما يتجاوز أدوارها التقليدية في التدريس والبحث. تشمل هذه المهمة أنشطة مثل التنمية الاقتصادية، ونقل التكنولوجيا، والشراكات المجتمعية، ومعالجة القضايا الاجتماعية. تزداد أهمية هذه المهمة حيث يُتوقع من الجامعات أن تشارك بنشاط في حل المشكلات المجتمعية، خاصة وأن الحكومات تواجه قيودًا مالية في رعاية المبادرات ذات الصلة.
  2. ما هي "النتيجة الثلاثية" (TBL) وكيف يتم استخدامها لتقييم أداء الجامعات؟
    "النتيجة الثلاثية" (TBL) هي إطار عمل يقيم أداء المؤسسة بناءً على ثلاث فئات: الأفراد والكوكب والازدهار (3Ps). يأخذ نظرة شمولية من خلال النظر في المسؤوليات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للمنظمة تجاه أصحاب المصلحة. يُستخدم هذا الإطار لتقييم وفاء الجامعات بـ "مهمتها الثالثة" من خلال فحص جهودها لدعم هذه المجالات الرئيسية الثلاثة.
  3. ما هي أهداف التنمية المستدامة (SDGs) وكيف تقوم الجامعات بدمجها في مهمتها؟
    أهداف التنمية المستدامة (SDGs) هي مجموعة من 17 هدفًا عالميًا اعتمدتها الأمم المتحدة في عام 2015، تهدف إلى معالجة التحديات الأكثر إلحاحًا في العالم، بما في ذلك الفقر وعدم المساواة وتغير المناخ والتدهور البيئي، بحلول عام 2030. تدرك الجامعات بشكل متزايد دورها في تحقيق هذه الأهداف من خلال التعليم والبحث والمشاركة المجتمعية. إنهم يدمجون أهداف التنمية المستدامة في بيانات مهمتهم وتخطيطهم الاستراتيجي لإثبات التزامهم بالتنمية المستدامة.
  4. ما الفرق بين الجامعات التي "تبدو جيدة" مقابل "فعل الخير" في سياق مهمتها العامة؟
    تبدو الجامعة "جيدة" عندما تعلن علنًا عن التزامها بمهمتها الثالثة من خلال بيانات المهمة ووثائق التخطيط الاستراتيجي والمشاركة في مبادرات مثل تصنيفات التأثير وتصنيف كارنيجي للمشاركة المجتمعية. ومع ذلك، فإن "فعل الخير" يتضمن إجراءات ملموسة، ومقاييس قابلة للقياس، ومؤشرات أداء رئيسية (KPIs)، وأدلة ملموسة تثبت تأثير الجامعة الفعلي على الأفراد والكوكب والازدهار.
  5. وفقًا للدراسة، كيف هو أداء الجامعات الأمريكية من حيث "الظهور بمظهر جيد" مقابل "فعل الخير"؟
    وجدت الدراسة أن الجامعات الأمريكية عمومًا "تبدو جيدة" من خلال تضمين موضوعات تتعلق بالناس والازدهار في بيانات مهمتها وخططها الاستراتيجية. ومع ذلك، فإنها غالبًا ما تكافح من أجل تقديم أدلة قابلة للقياس أو إجراءات ملموسة لإثبات أنها "تفعل الخير" بالفعل من حيث مهمتها الثالثة. كان هناك تركيز أقل على إظهار دليل على "فعل الخير" فيما يتعلق بالكوكب.
  6. ما هي بعض التحديات التي تواجهها الجامعات في "فعل الخير" حقًا وتنفيذ مبادرات التنمية المستدامة؟
    تشمل التحديات الافتقار إلى مقاييس ومؤشرات أداء محددة بوضوح، والحاجة إلى ثقافة تنظيمية أقوى للاستدامة، والصراعات المحتملة بين المهام الأكاديمية التقليدية وأهداف الاستدامة، والصعوبات في دمج الاستدامة في جميع جوانب الجامعة. بالإضافة إلى ذلك، قد تكافح الجامعات لمعالجة جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر بفعالية وقد تركز على تلك الأقل إشكالية أو التي تتوافق مع نقاط قوتها الحالية.
  7. كيف يمكن للجامعات تحسين أدائها في "فعل الخير" والمساهمة بشكل أفضل في التنمية المستدامة؟
    يمكن للجامعات أن تتحسن من خلال وضع مقاييس واضحة وقابلة للقياس ومؤشرات أداء رئيسية تتعلق بمهمتها الثالثة وأهداف التنمية المستدامة، وتعزيز ثقافة تنظيمية قوية للاستدامة، وتخصيص الموارد لدعم مبادرات الاستدامة، والمشاركة في شراكات مع أصحاب المصلحة المتنوعين، ودمج الاستدامة في مناهجها الدراسية وأبحاثها، والتركيز على أهداف التنمية المستدامة عبر الفئات الثلاث: الأفراد والكوكب والازدهار.
  8.  ما أهمية المشاركة في مبادرات مثل تصنيف مجلة تايمز للتعليم العالي وتصنيف كارنيجي للمشاركة المجتمعية؟
    قد تساعد المشاركة في هذه المبادرات الجامعات على رفع مستوى الوعي بالتزامها بالتنمية المستدامة والمشاركة المجتمعية. ومع ذلك، تشير الدراسة إلى أن المشاركة وحدها قد لا تكون كافية، وتحتاج الجامعات إلى التأكد من أن أفعالها تتماشى مع التزاماتها المعلنة وأنها قادرة على إظهار تأثيرات ملموسة على أهداف التنمية المستدامة ومجتمعاتها. ووجدت الدراسة أن العديد من الجامعات يبدو أنها "تنتقي" أهدافًا أسهل لتسليط الضوء على مشاركتها بدلاً من الانخراط في عمل أكثر شمولاً وهادفًا.

)باباديميتريو وشيفيكر، 2023(

مرجع:

باباديميتريو، أ.، وشيفيكر، س. م. (2023). الظهور بمظهر جيد أو فعل الخير؟ تحديد المهمة العامة للجامعة الأمريكية من خلال تحليل بيانات المهمة والتخطيط الاستراتيجي. مجلة TQMhttps://doi.org/10.1108/TQM-10-2022-0313

اضافة تعليق

تواصل معنا من خلال الواتس اب